السبت، 15 ديسمبر 2012

مِيدْيُو مِيتْرُو لَعْورْ




مِيدْيُو مِيتْرُو لَعْورْ
بَاعْ يَمَّاهْ وُشْرَا لْكُوَّارْ
مِيدْيُو مِيتْرُو لَعْورْ
بَاعْ يَمَّاهْ وُشْرَا لْكُوَّارْ

ترديد هذه العبارات كانت كافية لإثارة أعصاب ذاك القزم الإسباني
كلما مر باتجاه مزرعة إبنه بابلو التي كانت بجانب حينا المهمش
ليستشيط غضبا وبشرع في التقاط ماتسقط يده عليه من طوب وحجر
ليقذفنا بها في حين لم يكن بيننا فرق في " القِزَم " سوا كونه يحمل على راسه
قُبَّّعة كتلك التي كنا نراها  في الأفلام على رأس " ادّّْجُُُّونْ وايْنْ "  (خون
بايني ) بطل أفلام الويسطيرنْ والكاوْبويْ " ونحن أطفال لايتعدى طول أكبرنا
سنًّا حوالي ال 100 سنتيمترا وبعض الميلِّّيمتْراتْ ببنما رؤوسنا مابين حالقها
لدرجة الصفر وبين من كان " مْغَوْفَلْْ " لايزور فقيه لمسيد أو" صماط الحجامة
إلا ناذرا لحلقه .
لم يكن ذاك النصراني ينجو من متبعاتنا له إلا بعد ولوجه لمزرعة إبنه بابلو
في حين كان يخرج إلينا جاره الشريف ابا عبد السلام الغرافي الرجل الذي
منحته طيبوبتة وعصاميته لقب الشريف دون منازع بحيث كان يتصدى لنا
صارخا في وجوهنا " سيروا الله يعطيكوم ماتَّّاكْلو " يآك آولد حمادي ياك آولد
الريفية يآك آولد اسي محمد يآك آولد الحجاجي بلآتي على بَابَاكُُومْ هآنا جآي للجامعْ كان ذاك الصراخ كافيا لثنينا عن اللحاق بالنصراني كنا ندرك أن الشريف
ابا عبد السلام الغرافي جادٌّّ في صدِّنا لكن طيبوبته كانت تمنعه من تبليغ جرمنا الطفولي لأولياء أمورنا أو لفقيه " لمسيد " .
الشريف ابا عبد السلام الغرافي ذاك الرجل الذي عرفناه منذ نعومة أظافرنا
زوجا للمسماة أمي رحمة الصرصرية بعد وفاة زوجته الأولى رحمة الله عليها
كان يملك قطيعا من أجود الماعز ترعى شؤونه أمي رحمة بينما هو كان يعمل
طوال اليوم لدى المرحوم عبد السلام الحريضي صانع الفخار دون كلل أو ملل
وكم كان ممتعا أن يحل شهر رمضان ليحضر ابا عبد السلام لمسجد الحي ويتبادل
التهاني والتبريكات مع قرناءه في السن وكنا نتحلق بدورنا حولهم ليفاجئه ابا سعيد
المساري بمباركته مازحا : إيوا يا ابا عبد السلام مانعرف آش غادي نديرو مع
المبروكة ديال " طابة " فهاذ الملعوق ديال رمضان ، لتصل قهقهات الجماعة ضحكا حتى داخل البيوت المجاورة وتنهال يد ابا عبد السلام على " قرفادة " ابا سعيد بصفعة ناعمة مرددا " ياك آسعيد المذبوحة كتضحك على المسلوخة "
دابا نْشُوفو شْكونْ الشّْماتة وآشْ الغرَّافي أوْ الزُّوَّاقي ، ويتفرق الجمع بعدها
كل لوجهته بينما نحن لانغادر الأزقة  إلا بعد أن نحضرجدولا لشغبنا الطفولي  لأول ليلة من رمضان على أمل اللقاء قُبيْلََ السُّحور لنعترض سبيل " طبال الحي"
بحاجز من  حبل مفتول من الدوم على إمتداد الشارع " من الزَّرْبْ للزَّرْبْ "
في غياب الأسوار الإسمنتية والإضاءة العمومية إلا مانذرمن مصابيح خافتة على
بعض الأبواب هنا وهناك ذاك ماكان قد تبقى من " التّّْشيْطينْ " الطفولي بعد أن
فقدنا " مِيدْْيُو مِِيتْرُو" الذي مات على إثر حادثة سير كانت كافية لمصرعه على
بعد أمتار قليلة من مزرعة بابلو ذات يوم عصيب بقيت فيه قبعته معلقة بغصن
شجرة من أشجار الأُُوكاليبْتوسْ " الكََلِّّيطْ "  على امتداد طريق العرائش .
مات " مِيدْْيُو مِِيتْرُو" ولم يمت شغبنا الطفولي بعد ليبتدأ مع ظهور عبد القادر
البوهالي الذي كان يحمل متاعه فوق كتفيه ويجر قصبة مذيلة ب " قزديرة "
عبارة عن غطاء علبة من علب سمك التن محدثا بها ضجيجا كان مولعا بسماعه
بدل راديو الترانسيستور الذى لم يكن قد خرج للوجود بعد في حين كنا نتبعه
بالحجارة حتى يحتمي بمنبر مصلى العيدين " المصلى القديمة "  التي كانت لدينا
مقدسة كباب العار بمولاي علي بوغالب وكم كان يسعدنا وهو ينهرنا بقوله :
" سِيرُو فْحَالْكُومْْ  بََعّْدُو مِنِّي آالزَّرِّيعَة دَ لْبَُورْتْقِيزْ " التي كان لها بُعْدٌ لم نكن نُدركُ
مغْزاهُ حينها الا عند بلوغنا سن الرشد لكن هيهات هيهات فاتنا الگتار " القطار"
على حد قول الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح...

المريني ادريس
القصر الكبير بتاريخ : 15 / 12 / 2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق